بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 8 أكتوبر 2009

سين سؤال: لماذا لا يطلع الرئيس مبارك على الشعب المصرى من ثنيات أجهزة إعلامه الحكومية لكى يعلن صراحة أن هناك نية رسمية باتت واضحة وضوح الشمس لنقل السلطة إلى نجله جمال فى موعد لا يعلمه إلا سيادة الرئيس؟

جيم جواب: لأن الرئيس مبارك لا يعتبر أنه مُطَالَبٌ أساسا بأن يوضح للشعب المصرى نواياه أو مواقفه، فهذا الشعب لم يحاسبه على شىء منذ أن تولى حكمه، ولن يحاسبه على شىء عندما ينتهى حكمه، لأنه لا يعلم أساسا متى ينتهى حكمه، ومثلما لم يشغل سيادة الرئيس نفسه فى ماضى الأيام بأن يفسر لشعبه لماذا قرر أن يظل فى الحكم ست فترات رئاسية وهو عكس ما وعد به بعد توليه الحكم وقاله على الملأ،

فهو لن يشغل نفسه بأن يفسر لشعبه كيف تغيرت لهجته من نفى التوريث بتاتا وصراحة إلى أن يمتنع عن نفيه فى حواره التليفزيونى مع المذيع الأمريكى تشارلى روز قبل أسابيع قائلا إن «جمال لم يفاتحه بعد فى موضوع التوريث».

لن يسأل أحد فى هذه البلاد الرئيس مبارك بأى حق يصطحب ابنه كبار مسؤولى الدولة ليصحبوه فى زيارات للقرى التى يسمونها بالأكثر فقرا، لأن أحدا لم يسأل أساسا فى عهد من أصبحت هذه القرى أكثر فقرا. لن يسأل أحد فى هذه البلاد الرئيس مبارك بأى حق يرتدى شباب ينتمون لحزبه الحاكم تى شيرتات مكتوبا عليها «طلائع جمال مبارك» دون أن يظهر أحد ليعتذر عن مثل هذه السفاهة،

لأن أحدا لم يسأل الرئيس كيف سمح قبل ذلك بعشرات الأوبريتات الغنائية التى أنفقت عليها ملايين الجنيهات لكى تتغنى بإنجازاته وعظمته، وكأنه حرام على هذا البلد أن يكون متحضرا ويبرأ من نسبته لحاكم أيا كان.

اليوم للأسف تتواصل مهزلة التوريث وتكتسب أبعادا أخطر، ها هى اليوم تخترق مناهج التعليم التى امتلك بعض مسؤولى التعليم الوقاحة لتغييرها من أجل تسميم عقول الأجيال الجديدة، على مرأى ومسمع من الجميع.

اليوم فى مقرر اللغة العربية الجديد للصف الثانى الإعدادى تتم إضافة دروس موجهة بعنوان (أطفال صنعوا التاريخ) تقدم أمثلة من حقب تاريخية مختلفة لتأكيد فكرة أن الولد العظيم دائما صنيعة أبيه العظيم، وأن كل حاكم عظيم قادر على أن يهدى شعبه ملكا آخر عظيما يمثل امتدادا له،

فى درس (الصقر الذهبى) يحكى الكتاب للطلاب عن الملك سيتى الأول الذى راقت له فكرة تتويج ولده رمسيس فى عيد ميلاده التاسع، ومن يومها راح يعلم ابنه كيف يكون حاكما،

فى درس (أمنية تحققت) يقدمون للطلاب نموذجا آخر للحاكم أحمد بن طولون وولده خمارويه، وكيف يقول أكبر علماء الدين القاضى ابن قتيبة للحاكم ابن طولون «يا مولاى لقد ولد خمارويه لكى يكون قائدا لا يشق له غبار»، فيبتسم ابن طولون ويقول للقاضى «إننى أفكر فى أمر ولاية العهد يا ابن قتيبة، سوف أجعلها لخمارويه ويجب أن تكون مع ولدى».

ياخسارة يا مصر، هل هذه آخرة المتمّة؟، هل هذا ما قامت ثورة يوليو من أجله؟، هل هذا ما حارب من أجله جنودك فى حرب أكتوبر؟، هل هذا ما حلم به من أجله ملايين الشغيلة والكادحين والمثقفين والعلماء والفنانين؟، هل صار التوريث المشروع القومى لمصر؟،

ما هى الكرامة التى بينها جمال مبارك منذ اعتلى خشبة المسرح السياسى لكى تسخر إمكانيات البلاد وتتغير مناهج تعليمها من أجل تحقيق أحلامه السياسية؟، هل يريد الرئيس مبارك أن يخلد نفسه فى كتب التاريخ بوصفه الحاكم الذى سمح بأن يتعلم نجله الحكم فى المصريين؟،

لماذا لا يعتذر الرئيس مبارك للمصريين عن الجملة المؤسفة التى قيلت فى حوار تشارلى روز، وعن هذا العبث المزرى بمناهج التعليم؟، لماذا لا يقول لشعبه إنه سيلتزم بوعده أنه لن يكون هناك توريث فى مصر،

وأن أهم ما سيعمل عليه فى الفترة القادمة هو تحقيق إصلاح دستورى وسياسى حقيقى يمكن المصريين من تقرير مصيرهم بأنفسهم كأى شعب متحضر ليس من حق أحد أن يمارس وصايته عليه ويدعى أنه يعرف مصلحته أكثر منه؟.

على العبد أن يسأل وليس عليه أن يدرك الجواب.


منقول عن موقع المصري اليوم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق